╝◄◄◄لـيـلـة الـقـدر►►►╚

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يعقد غالبية الناس آمالهم طيلة السنة على الالتقاء بـ"سيدنا قدر"
الذي يعتقدون بأنه ينزل من السماء في وقت ما من ليلة السابع والعشرين من
رمضان، ممتطيا حصانه الناصع البياض، ليحقق لكل من يبصره من المسلمين
أمانيه وأحلامه، حتى أن البعض اعتبر هذه الليلة، والتي يرجح أن تصادف ليلة
القدر،
تماما كمثل ليلة "السانتاكروز" التي يعتقد الغربيون بأن "بابا نويل" ينزل
فيها من السماء راكباً على عربة سحرية تجرها غزلان ومن خلفها الهدايا ليتم
توزيعها على الأولاد أثناء هبوطه من المداخن أو دخوله من النوافذ وشقوق
الأبواب.

ومما يميز هذه الليلة لدى المغاربة عموما، إقبالهم على ارتداء ألبسة
تقليدية جديدة، واقتناء أنواع جيدة من البخور تليق بهذه الليلة المقدسة
التي تعتبر من خيرة الليالي عند الله بحيث يعادل قيامها عبادة ألف شهر.

ويحرص
المغاربة على إقامة طقوس روحية واجتماعية متنوعة كتبادل الطعام ومرافقة
أبنائهم إلى المساجد مرتدين اللباس التقليدي بهدف تشجيعهم على الصلاة
والعبادة.

لكل منا أمنيته التي يضمرها في نفسه ويتمنى أن يحققها له "سيدنا قدر"
هذه الليلة، فعلى امتداد سور شارع العنق المطل على البحر، اصطف بعض
المصلين على شكل ثنائيات بعد أدائهم لما تيسر من التراويح في مسجد الحسن
الثاني، مفترشين سجاداتهم ومولين وجوههم قِبَل البحر للاستمتاع بمشهد تضفي
عليه قدسية هذه الليلة رونقا يندر تكرره، وتزيدها رومانسية ومضات البرق
التي تتناوب مع الشعاع الآتي من منارة العنق.

على
يسارنا يجلس شاب وسيم في العشرين من عمره وحيدا يتأمل البحر. جاءت إحدى
الأوانس، ويبدو أنها لم تبلغ بعد عقدها الثاني، واتخذت لنفسها مكانا إلى
جانبه. وعبثا حاولت الشابة أن تستدرج الشاب إلى الحديث معها. أخرجت من
حقيبتها فولارا لفته حول رأسها، وعباءة التحفت بها، ثم رفعت كفيها إلى
السماء وأخذت تتمتم بكلام غير مسموع. لعلها كانت تدعو "سيدنا قدر" بأن ينزل ويجعل هذا الشاب يلتفت إليها. مجرد افتراض.

عندما
انتهت من الدعاء، نزعت الفولار عن رأسها، والتفتت إلى الشاب فإذا هو قد
استلقى على ظهره متأملا السماء الملبدة بالغيوم، عندها أخرجت سجادتها
ودفعتها إليه ليجعلها تحت رأسه، فاستلمها دون أن ينبس ببنت شفة. وأخرجت
شيئا من حقيبتها وأمدته به فأكله دون أن ينظر إليها. وبعد هنيهة، استلقت
بجانبه متوسدة عباءتها شاخصة ببصرها إلى السماء.

على يميننا شبان يتحدثون طول الوقت عن أمانيهم في هذه الليلة. أحدهم قال إنه يتمنى من "سيدنا قدر" أن يتدخل لإخراج "حريرة" الوزير الأول المعين على ما يرام. وقال آخر إنه سيطلب من "سيدنا" لو صادفه أن يقذفه في بلاد أخرى غير هاته.

وفجأة رن هاتف الشاب المستلقي فقام منصرفا وتاركا السجادة التي كان
يتوسدها مكانه، أما الشابة فيبدو أن النوم قد غلبها فاستسلمت له. لعلها
الآن تحلم.

لكن، مع الأسف، فمع وجود أناس يقومون هذه الليلة إيمانا واحتسابا لطلب
المغفرة والثواب من الله عز وجل، ووجود آخرين يقومون بممارسات يمكن
تصنيفها في خانة الخير، هناك صنف آخر يمضيها في ممارسة أعمال شريرة لا
يرضاها لا الخالق ولا عباده.

في هذه الليلة بالذات، يطلق سراح الشياطين التي تكون مكبلة بالأصفاد منذ
حلول شهر رمضان، وتشفى الجان من مرض العجز، فتهيم على الأرض متعطشة للقيام
بأعمال الشر كيفما كانت، نتيجة حبسها طيلة الأيام الماضية من رمضان.
تعطشها هذا يدفعها لقبول عروض السحرة -الذين ينشطون بشكل كبير هذه الليلة-
بسرعة فائقة ! ╝◄◄◄لـيـلـة الـقـدر►►►╚ 978699