هذه نقول عن أئمتنا رحمهم الله لعلها تجزئ ، فما كنت ىتيك بأفضل من ذلك .
قال الإمام شهاب الدين القرافي في الذخيرة :
(والقنوت وأصله في اللغة الطاعة ومنه قوله تعالى والقانتين والقانتات ويطلق على طول القيام في الصلاة وفي الحديث أفضل الصلاة طول القنوت وعلى الصمت ومنه قوله تعالى وقوموا لله قانتين وعلى الدعاء ومنه قنوت الصبح وهو عندنا وعند ش ح مشروع خلافا لابن حنبل وفي الصبح عندنا وعند ش خلافا ح في تخصيصه إياه بالوتر وفي الجلاب لمالك في القنوت في النصف الأخير من رمضان روايتان لنا ما سنذكره من الأحاديث أجاب ابن حنبل فحملها على نوازل كانت تنزل بالمسلمين والحكم ينتفي لانتفاء سببه .
جوابه: منع التعليل بخصوص تلك الوقائع بل لمطلق الحاجة لدرء الشرور وجلب الخيور وهو أولى لعمومه فيجب المصير إليه وهذه العلة باقية فيدوم الحكم.
قال في الكتاب إذا قنت قبل الركوع لا يكبر خلافا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه قال وقبل الركوع وبعده واسع والذي آخذ به في نفسي قبل خلافا ش وكان علي رضي الله عنه يقنت قبل وعمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يقنتان بعد.
وفي الصحيحين سئل عليه السلام أهو قبل أم بعد فقال محل القنوت قبل زاد البخاري قيل لأنس إن فلانا يحدث عنك أن النبي عليه السلام قنت بعد الركوع قال كذب فلان وفي رواية أنه قنت بعد الركوع شهرا. ووافق ش في الوتر أن قنوته قبل ولأنه قبل يحصل للمسبوق فضيلة الجماعة . وقال في الكتاب لا توقيت فيه ولا يجهر .
أما عدم التحديد فلأنه ورد بألفاظ مختلفة. وأما عدم الجهر فقياسا على سائر الأدعية.
وروى ابن وهب أن جبريل علم النبي عليهما السلام اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخنع لك ونخلع ونترك من يكفرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد إن عذابك بالكافرين ملحق وإن هذا بعد ما كان يدعو على مضر إذ جاءه جبريل عليه السلام فأومأ إليه أن اسكت فسكت فقال إن الله لم يبعثك سبابا ولا لعانا إنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذابا ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ثم علمه القنوت.
وفي أبي داود أنه عليه السلام علم الحسن بن علي في القنوت: اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وأنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت.
ويروى أنه عليه السلام كان يقنت في الوتر اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك .
فوائد:
نخنع معناه نتواضع ومنه قوله عليه السلام إن اخنع الأسماء عند الله رجل يسمى بشاه.
ونخلع معناه من ذنوبنا .
ونحفد معناه نعاضد على طاعتك ومنه حفدة الأمير أي أعوانه وأبناء الأبناء يسمون حفدة لذلك .
وقوله قني شر ما قضيت مع أن القضاء لا يمكن أن يقع غيره معناه أن الله تعالى يقدر المكروه بشرط عدم دعاء العبد المستجاب فإذا استجاب دعاءه لم يقع المفضي لفوات شرطه وليس هو رد للقضاء المبرم ومن هذا الباب صلة الرحم تزيد في العمر والرزق .
وقوله أعوذ برضاك يتعين أن يكون المستعاذ به قديما لامتناع الاستجارة بالحوادث ورضى الله تعالى إما إرادة الإحسان على ما تقدم في الرحمة على رأي الأشعري أو الإحسان نفسه على رأي القاضي والأول متعين لقدمه .
وكذلك قوله بمعافاتك من عقوبتك.
وقوله أعوذ بك منك كيف تصح الاستعاذة من القديم مع أنه لا يصح إلا من حادث وجوابه أن قوله منك على حذف مضاف تقديره من مكروهاتك ليعم ما ذكره أولا وما لم يعلمه .
وقوله أنت كما أثنيت على نفسك مشكل من جهة العربية والمعنى من جهة تشبيه الذات بالثناء وجوابه أن ثم مضافا محذوفا في الأول تقديره ثناؤك اللائق ثناؤك على نفسك.)
وقال الإمام الحطاب في شرح مختصر سيدي خليل : }(وقنوت سرا بصبح فقط وقبل الركوع)
ش: يعني أن القنوت مستحب في صلاة الصبح وهذا هو المشهور.
وقال ابن سحنون: سنة.
قال يحيي بن عمر: هو غير مشروع. ومسجده بقرطبة لا يقنت فيه إلى حين أخذها عادها الله للإسلام.
ولابن زياد ما يدل على وجوبه لأنه قال: من تركه فسدت صلاته. أو يكون على القول ببطلان صلاة من ترك السنة عمدا.
وقال أشهب: من سجد له فسدت صلاته.
وقال ابن الفاكهاني: القنوت عندنا فضيلة بلا خلاف أعلمه في ذلك في المذهب.
ونقل بعضهم عن اللخمي أنه ذكر أنه سنة.
وقوله: سرا يعني أن المطلوب في القنوت الإسرار به وهذا هو المشهور. وقيل: إنه يجهر به.
ونقل البرزلي عن التونسي أنه سئل عمن جهر بالقنوت أو التشهد في الفرض أو النفل فقال: الجهر بالقنوت والتشهد لا يجوز ويعيد من تعمد ذلك ويسجد الساهي إلا أن يكون خفيفا وكذلك القراءة، وإن كان قد اختلف فيها إذا جهر، فعن ابن نافع لا يعيد فالقنوت عليه أخف ولا شئ عليه على هذا، وأما النافلة فلا شئ عليه.
قال البرزلي: قلت: أما الجهر بالتشهد والقنوت فالمعلوم من المذهب أن الجهر بالذكر لا يبطل الصلاة بل ترك مستحبا خاصة على ما حكى ابن يونس وغيره من رواية ابن وهب أو قوله.
وتقدم أن عبد البر حكى عن بعض المتأخرين عدم صحة الصلاة ولم يرتضه.
وحكى شيخنا الإمام أن بعضهم ذكره عن ابن نافع قال: ولا أعرفه إلا في صلاة المسمع خاصة وقياسه على جهر الفريضة ضعيف لأنه وردت فيه سنة.{
وقال: ( تنبيه: قال ابن فرحون: فإن صلى مالكي خلف شافعي جهر بدعاء القنوت فإنه يؤمن على دعائه ولا يقنته معه، والقنوت معه من فعل الجهال. انظر مختصر الواضحة في القنوت في رمضان، فلو قنت المالكي عند قول الشافعي: فإنك تقضي ولا يقضى عليك كان حسنا، ولم أره منصوصا ووجهه أن الدعاء الذي يؤمن عليه قد انقضى ولا مانع حينئذ من القنوت انتهى.
وقوله: بصبح فقط يعني أن القنوت إنما يستحب في صلاة الصبح فقط وهذا هو المشهور.
وقال ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب: في ثانية الصبح تنبيه على خلاف بعض أهل المذهب في إجازته في الوتر وخلاف من أجازه في سائر الصلوات عند الضرورة انتهى.
فرع: قال في الطراز: لو قنت في غير الصبح لم تبطل الصلاة به. ذكره في باب السهو فيمن جهر فيما يسر فيه عمدا.
وقوله: وقبل الركوع وقال ابن عرفة: روى الباجي قبل الركوع أفضل. وعكس ابن حبيب وفيها هما سواء.
وفعل مالك قبل وفيها بعد لا يكبر له. روي عن علي أنه كبر حين قنت. الجلاب: لا بأس برفع يديه في دعاء القنوت. وسمع ابن القاسم: من أدرك القنوت بعد ركوع الإمام قنت إذا قضى، ولو أدرك ركعة معه وقنت لم يقنت في قضائه. ابن رشد: إن أدرك ركوع الثانية لم يقنت في قضائه، أدرك قنوت الإمام أم لا.
وهذا على أن ما أدرك آخر صلاته، وعلى دنه أولها وقول أشهب أنه بأن في القراءة والفعل يقنت مع الإمام أم لا. قلت: مفهوم قوله مالك: وقنت معه أنه إذا أدرك الركعة دون القنوت قنت خلاف قول ابن رشد.
فرع: قال الشيخ يوسف بن عمر في شرح الرسالة: إذا نسي القنوت قبل الركوع فإنه يقنت بعد الركوع ولا رجوع من الركوع إذا تذكره هنالك، فإذا رجع أفسد صلاته لأنه لا يرجع من الفرض إلى المستحب انتهى.
أما عدم الرجوع فمأخوذ من مسائل المدونة: منها من نسي الجلوس الأول حتى استقل قائما فإنه لا يرجع. ومنها من نسي السورة أو الجهر أو الإسرار أو تكبير العيدين حتى ركع، وأما البطلان فلا يأتي على ما شهره المنصف من عدم البطلان في مسألة الجلوس، ويأتي على ما قاله ابن عرفة والفاكهاني من البطلان والله أعلم. فرع: قال ابن ناجي في شرح الرسالة: نص ابن الجلاب على أنه لا بأس برفع يديه في دعاء القنوت.
قلت: وظاهر المدونة خلافه قال فيها: ولا يرفع يديه إلا في الافتتاح والمشهور أنه لا يكبر انتهى.
وقال الاقفهسي: وهل يكبر أم لا ؟ قولان. وعلى الرفع فهل راغبا أو راهبا ويرهب بإحدى يديه ويرغب بالأخرى خلاف انتهى.
تنبيه: قال في الجواهر: لما ذكر القنوت ثم إن كانت في نفسه حاجة دعا بها حينئذ إن شاء انتهى.)
وقال العلامة محمد عرفه الدسوقي في حاشيته: (قوله: (وندب قنوت) ما ذكره المصنف من كونه مستحبا هو المشهور. وقال سحنون: إنه سنة. وقال يحيى بن عمر: إنه غير مشروع. وقال ابن زياد: من تركه فسدت صلاته وهو يدل على وجوبه عنده انظر ح .
قوله: (أي دعاء) أشار بهذا إلى أن المراد بالقنوت هنا الدعاء لأنه يطلق في اللغة على أمور منها الطاعة والعبادة كما في: (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا) ومنها السكوت كما في: (وقوموا لله قانتين) أي ساكتين في الصلاة لحديث زيد بن أرقم كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام ومنها القيام في الصلاة ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: أفضل الصلاة طول القنوت أي القيام، ومنها الدعاء يقال قنت له وعليه أي دعا له وعليه.
قوله: (لافاد أن كل واحد مندوب استقلالا) أي كما هو الواقع، وأما قول عبق وخش: لما كان السر صفة ذاتية للقنوت لم يعطفه بالواو فغير صحيح كما في بن، وإنما ندب الإسرار به لأنه دعاء وهو يندب الإسرار به حذرا من الرياء .